برنامج المجال الاجتماعي
الأسرة هي أهم مكونات المجتمع المصري، وهي الوحدة الأساسية للمجتمع في ثقافتنا المصرية والعربية والإسلامية. وتقوم نهضة الأمة علي نهضة الأسرة كبنية أساسية، ويشتهر مجتمعنا بتماسك بنيان أسرته، وتكاتف أفرادها، وهذا البنيان قد أصابه الكثير من التصدع نتيجة لتراكم المصاعب الاقتصادية، والمشكلات الاجتماعية، ومِن الضروري أن يحظى جميع أفراد هذا الكيان العظيم بالاهتمام، ليقوموا بأدوارهم في بناء مجتمعنا القوي المتين.
- فالطفل لابد أن ينال حقه الذي كفله له الإسلام منذ تكونه جنيناً، ويحظى بالرعاية الصحية والاجتماعية والتعليمية، وفي الحقيقة إن الطفل المصري لا ينال المعدل الكافي من الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليمية، وهذا نذير خطر للأمة لأن الأطفال هم شباب الغد ورجال المستقبل، وقد انتشرت ظواهر عديدة بالمجتمع تنبه لضرورة تلافي تلك الأخطار، فالأطفال يعانون من ارتفاع نسبة أمراض سوء التغذية، وغيرها من الأمراض الناشئة من الفقر وضعف الحالة المادية للأسرة، والتسرب من التعليم الأساسي، وكذلك ظاهرة أطفال الشوارع وما يصاحبها من التَّحديات الاجتماعيَّة والظواهر الأخلاقيَّة والأمنيَّة التي تفرزتها تلك الظاهرة، مثل: انتشار السَّرِقات الصَّغيرة في الشَّوارِع مثل جرائم النَّشل، والانخراط في مجال تجارةِ المخدراتِ، والإدمان الذي يعتبر خطرًا يُهَدِّد هؤلاء الأطفال، والتَّسوُّل؛ وخاصة ممارسة التَّسوُّل لصالح كبار زعماء عصابات التَّسوُّل، والاستغلال الجنسي وأنشطة الدَّعارة والجرائم الأخلاقيَّة.
كما أن استمرار هذه الظاهرة سيؤدِّي حتمًا على المدى البعيد إلى تفاقُم حالة الانحراف الأخلاقي والتَّبدُّل القيمي في المُجتمع.
1. الاهتمام برفع مستوى الوعي الدِّيني والاجتماعي لدى المواطنين وضرورة الحفاظ علي البناء الأسري، والتذكير المستمر بعظم الأمانة والمسئولية وخطورة التَّخلِّي عن الأطفال تحت أي مسمَّي سواءً أكانت المصاعب ماليَّة أو معيشيَّة أو غيرها من الأسباب التي تدفع بالأهل إلى ترك أولادهم للشوارع دون أي نوع من الرَعايَة، أو تسربهم من التعليم.
2. تحسين مستوى مُؤَسَّساتِ رَعايَة الأحداث لتحقيق الهدف الرَّئيسي من تأسيسها وهو التَّربية الصَّالحة والتَّأديب والإصلاح.
3. تطوير المنظومة القانونية التي تتعامل مع هذه الظواهر، وتطوير أداء الأجهزة الاجتماعيَّة والأمنيَّة الأخرى المعنيَّة بهذه المشاكل وتدريب العاملين فيها، وكذلك الأخصائيِّين الاجتماعيِّين والنفسيين علي التَّعامُل مع ظاهرةِ أطفالِ الشَّوارِع، وكذلك ظاهرة تسربهم من التعليم بشكلٍ عادلٍ وعلميٍّ، وإنسانيٍّ أيضًا من منظور حقوق الطِّفل في الإسلام.
4. تشجيع تكوين جمعيَّاتِ الخدمات الاجتماعيَّة التي تستقطب أطفال الشَّوارِع؛ لدمجهم في القطاع المُنتج في المُجتمع، مع إخضاع تلك المُؤَسَّسات للرقابة الجادة ، ومن الضروري إقامة الصناديق الاجتماعيَّة المخصصة لرعاية أطفال الشوارع والأحداث، والتي يتعاون فيها القطاعان الخاص والأهلي، بدعمٍ من الدَّولة.
5. تحفيز الدَّولة للمُؤَسَّسات الصِّناعيَّة الكبرى، والقطاعَيْن العام والخاص ومنظمات المجتمع الأهلي بالتعاون لمواجهة هذا الملف باستيعاب بعض من عناصر أطفال الشَّوارِع في مُؤَسَّسات التَّأهيل المهني التابعة لها.
والمرأة كذلك لابد أن تنال حقها الكامل الذي كفله الإسلام لها، والذي تميز عن غيره من المناهج في تقديره لها، وتعتمد نظرتنا لمنزلة المرأة في المجتمع علي المساواة الكاملة في الكرامة الإنسانية بين الرجل والمرأة، وأهمية العمل على الحفاظ على التمايز بينهم في الأدوار الاجتماعية والإنسانية، دون أن يؤثر ذلك علي مكانة كل منهم، والمرأة مكون هام، بل عمود أساس في نشاط حزب النور خاصة والمجتمع المصري عامة، ولها أن تمارس دورها الفعال النشط وحقها الذي أعطاها الدستور إياه.
ولاشك أن المرأة اليوم تعاني الكثير من المشكلات في المجتمع، وبعض هذه المشكلات تشارك فيه المرأة بقية أفراد المجتمع من البطالة والفقر والمرض، والتهميش والإقصاء والإهمال، وهناك بعض المشكلات التي تختص بها المرأة، ويهمنا هنا القسم الثاني، والتي يعتبر من أبرزها مشكلة ضعف الوعي الاجتماعي فيما يتعلق بقضايا المرأة ودورها الاجتماعي؛ وظاهرة العنف الذي يُمَارَس ضد المرأة سواءً كانت ابنة أو أختاً أو زوجة، وظاهرة الأُسَرِ المَعِيلة- أي تلك التي يلي أمرها وتُنفق عليها المرأة- والتي تتركَّز في الشَّرائح الأكثرِ فقرًا من المجتمع، إضافة إلى زيادة ظاهرة الزَّواج السِّري والعرفي بين الفتيات في المُجتمع، وكذلك الطَّلاق ويعتبر واحدة من أكثر المشكلات الاجتماعيَّة التي تعاني منها المرأة، وما يصاحبها من حزمة من المشاكل المتعلقة بالأطفال والحضانة والنفقة وغيرها، ويمكن أن يزاد على ذلك مشكلة التمييز الوظيفي ضد المرأة.
وتتطلب هذا الأوضاع بحوثًا كافيةً ودراسات مكثفة، وخطط محكمة لتغيير ثقافة المجتمع وتطوير مفاهيمه، والتغلُّب على تلك الأوضاع، ممَّا يؤدِّي في النهايَّة إلى تفعيل مُشاركة المرأة المُجتمعيَّة والإنسانيَّة والسِّياسيَّة بصورةٍ كافية، بما يساهم في تسيير عجلة المُجتمع ككل.
وكذلك تستدعي إطلاق حملات التثقيف الإعلاميَّة والاجتماعيَّة والدينيَّة، والتي تعمل بكافة الوسائل المُتاحة لتصحيح الصورة الذهنية السلبيَّة للمرأة، والتحذير من ظلمها والافتئات علي حقوقها، علي أن تستند تلك الحملات إلى المبادئ والقيم الأخلاقيَّة النابعة من التَّعاليم الإسلاميَّة وتقاليد المجتمع المصري، ولتقويَّة الوازع الديني لدى المواطن بما يمنعه ذاتيًّا من مخالفة تلك الأخلاقيات.
ويضاف لذلك تكوين مجموعة من الصناديق الاجتماعيَّة المدعومة من مؤسسات الزكاة والأوقاف والمشاركات الأهلية، لمساعدة الفئات المعوزة من شرائح المرأة المصريَّة، مثل المرأة الرِّيفيَّة، والمطلقات، والمسنات.
والشباب هم ثروة الأمة وذخيرتها، وهم عتادها وعدتها، وهم حاضرها ومستقبلها، ويومها وغدها وأمنها وأمانها وثورتها، ولابد أن تكفل لهم كل الحريات (في إطار المسئولية)، وكل الحقوق في التعبير عن آرائهم، وممارسة نشاطاتهم، ولابد من تفهم احتياجاتهم في الشعور بملكيتهم لوطنهم العظيم، وانتمائهم لبلدهم الكريم، ولابد أن يقوموا بتحويل طاقاتهم الجبارة، لطاقة بناء تلحق مصر بمقعد الريادة في ركب الحضارة، ولقيامهم بهذا الدور لابد أن يتمتعوا وينالوا حرية التفكير والتعبير، وحق التعليم وحق العمل والحياة الكريمة، وحق العلاج وحق ممارسة النشاط السياسي، وغير ذلك من الحقوق.
ولقد كان الشباب من أكثر فئات الشعب معاناة في العهد البائد، لافتقاده من يستمع لصوته ويستجيب نداءه، ويتعرف على حاجاته، ولقد زاد من حدة هذه المعاناة ارتفاع المعدلات العمرية للقيادات السياسية لما فوق الثمانين، وانفصالها عن جيل الشباب، وتمسكها بكراسي الحكم عشرات السنين، مما أفرز نهجاً استبدادياً في الحكم، ومما زاده ظلمة وسواداً مخططات التوريث، وممارسات تزوير إرادة الشعب.
ومما لاشك فيه أن نجاح مشروع الإصلاح والنَّهضة يتوقف على التَّقدُّم على مستوى التَّنمية البَشرية في مجال الشَّباب الَّذين يُمثِّلُون أهم مصادر رأس المال الاجتماعي، وهذا ما يتطلَّب وضْعُ سياساتٍ تضمَن استيعاب طاقاتهم وقدُراتِهم لخدمة المُجتمع، وذلك من خلال تشغيل نظام للتَّربيَّة والتَّنشئة يستوعب مشكلاتهم ويكسبهم الخبرة اللازمة للتعامل مع الأزماتِ العامَّةِ في المُجتمع، وكذلك ضرورة استيعاب الشَّباب في العمل داخل المُؤسَّسات الرَّسميَّة والأهليَّة، وفي الأحزاب والجمعياَّت والاتحادات الطلابيَّة، والعمل علي إسناد المسئُوليَّات إليهم، لمعالجة فجوة الأجيال داخل هذه المُؤسَّسات، وخلق جيلٍ ثانٍ للعمل في مواقع العمل الوطني العام، مع إدارة العمل علي أساسٍ من النزاهة والشفافية.
كما يجب علي المُجتمع والدولة إدارة حوارٍ مفتوحٍ مع الشباب والعمل معًا على مُعالجة الأزمات الاجتماعيَّة والاقتصادية والفكرية التي يُعاني منها الشَّباب، مثل مشاكل التعليم المناسب والبطالة؛ والتَّغريب؛ وتأخُّر سنِّ الزَّواج والعُنوسة، والعنف، والاغتراب، والفجوة بين الأجيال، وغير ذلك لأجلِ خفضِ الرَّغبة الشَّديدة في الهجرة، وتأكيد الانتماء.
- تشجيع الجمعيات الخيرية والمنظمات الإغاثية التطوعية غير الحكومية، ورفع القيود عن نشاطها الذي يدعم التكافل الاجتماعي، والتوعية الفكرية.
- وكذلك لابد من الحفاظ على سلامة العلاقة بين أعراق وأطياف الأمة المصرية بجميع مكوناتها: مسلمين وأقباط، قبائل ونوبة، وغيرهم.. عمالاً وفلاحين، وأطباء ومهندسين ومثقفين، وغيرهم.. كل ذلك في نسيج واحد، يجمعه خطاب سياسي وإعلامي وثقافي واحد، ويقوم كل ذلك على أساس مِن الحق والعدل والحرية المسئولة.