برنامج المجال الامنى
إن مصر تمتاز على غيرها من البلدان بنعمة الأمن والسلم الذي يتميز به أهلها، والذي تجلى في أحداث الثورة العظيمة، فرغم ما حفلت به أيامها من أحداث جسام، ونزول الملايين من أبناء الشعب إلى الساحات والميادين بأنحاء البلاد، إلا أن الأمن والسلام كان السمة الغالبة على عامة الشعب، وقد ساهم إطلاق عملاء النظام البائد للآلاف من البلطجية ونزلاء السجون وأرباب السوابق على أفراد الشعب الآمن الأعزل، ساهم في زيادة إدراك الناس ووعيهم لأهمية الأمن لاستقرار البلاد ونهضتها، فلن يستطيع أبناؤنا الذهاب لمدارسهم، ولا أصحاب الأعمال ممارسة نشاطهم، ولا الموظفون والأطباء تقديم خدماتهم، ولن يقبل المستثمرون المساهمة في بناء اقتصاد البلاد إلا في وجود منظومة أمنية قوية ومظلة متكاملة من الخدمات في ذلك المجال، ومن أجل ذلك فإننا نرى:
- في مجال الأمن الداخلي لابد من تغيير العقيدة الأمنية للنظام البائد، والتي اهتمت فقط بأمن طبقة قليلة حاكمة على حساب ملايين كادحة أهملت حقوقهم وأهينت كرامتهم، وديست أعراضهم، بل وحرموا حتى من أحلامهم بمستقبل مشرق عادل ينعمون فيه بالحرية والعدالة.
- لابد أن توضع مصلحة الوطن فوق مصلحة الأفراد، ولهذا لابد من إعادة النظر في المناهج والمقررات التي يدرسها أفراد المؤسسات الأمنية، وتوجيهها الوجهة الصحيحة، وإعادة تدريب وتأهيل رجال الأمن المصري مهنياً وفكرياً ودينياً، بما يساعد في تطوير الأداء الأمني، وضرورة عدم المساس بأمن المواطن أو حريته أو حقوقه أثناء العمل علي ضرب منابع الجريمة أو تعقب المجرمين.
- دراسة الملفات الأمنية الكبرى (مشكلة المخدرات والإدمان، ومشكلة الجريمة ومشكلة الإرهاب والتطرف الفكري، ....... ) وتناولها بطريقة علمية صحيحة وعلاجها بصورة سليمة مبنية على تضافر جهود علماء الدين وعلماء الاجتماع والطب وعلماء القانون والسياسة، إضافة إلى الخبراء الأمنيين.
- لا يصح تناول ملف مشكلة الجريمة بمعزل عن النظر في أسبابها، والتي تشكل الأزمات الاجتماعيَّة والمشكلات الاقتصاديَّة المُزمِنَة التي يعانيها المجتمع أهم دوافعها، وإذا كانت الوقاية خير من العلاج، فإن حل مشاكل البطالة والفقر بالإضافة إلى ضعف الوازع الديني، قد يكون الخطوة الأولى في مواجهة مشكلة الجريمة.
- ومما يلزم الاهتمام به حوادث الطرق والتي تشكل معدلات حدوثها وضحاياها أرقاماً هائلة، وأعداداً مخيفة وتسيء إلى مجتمعنا على المستوى الداخلي والخارجي، وينبغي أن تتضافر جهود الوزارات المختلفة لمواجهة هذه المشكلة، فشبكة الطرق تعاني من الإهمال والتسيب، ومستوى تنفيذها ومواصفاتها تشير إلى خلل مهني جسيم وتدني هائل في الكفاءة، ولا يمكن مقارنته بمستوى الطرق ومعاييرها العالمية، وكذلك معايير السلامة بوسائل المواصلات لا يتم الالتزام بها، ويتم القفز فوقها بالرشاوى المنتشرة في دواوين الحكومة والوزارات، وعلاج هذه المشكلة يكون بتحسين شبكة المواصلات، ودعم وسائل النقل العامة الجماعية وتشجيعها، وتأمين معايير السلامة القياسية بها، وكذلك وسائل النقل الخاصة، والقضاء على ظاهرة الإهمال والتسيب والرشاوى والمحسوبية في دواوين الحكومة، حفاظاً على دماء أبنائنا وأرواحهم.
- وكذلك جرائم المال العام من اختلاسات ورشاوى وعمولات وتسهيلات غير مشروعة وغيرها، تسببت في ضياع المليارات على أبناء الشعب، ولابد من سن القوانين الرادعة لها، واعتبارها جرائم لا تسقط بالتقادم، وكذلك تنشيط دور الأجهزة الرقابية وتفعيلها، وتشجيع دور الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني لكشف وضبط ومكافحة هذه الجرائم.
- التحذير من عناصر وأفراد أجهزة أمن الدولة وعودتهم لممارسة نشاطاتهم وتجاوزاتهم، وكذلك عودة محاكمها تحت مسميات أخرى، فلا مكان في الدولة الحديثة لمثل هذه الممارسات القمعية والإجراءات الاستثنائية والمحاكم الهزلية.
- كذلك من الضروري إعادة النظر في قانون العقوبات، بما يتوافق مع المادة الثانية من الدستور المصري، وكذلك ضرورة إعادة النظر في أحوال السجون وتطويرها، وفصل السجناء وتصنيفهم حسب الجريمة وإعادة تأهيلهم أخلاقياً ونفسياً ودينياً حتى يخرجوا مواطنين صالحين لخدمة المجتمع.
- وغير ذلك من الملفات الأمنية التي يجب أن تتضافر الجهود لحلها.
- أما في مجال الأمن الخارجي، فلابد من دعم الجيش المصري وتقويته معنوياً وعملياً، عقيدة وتسليحاً، ليكون حاضرًا دومـًا وأبداً درع الحماية للأمن القومي المصري.
- ويضاف لذلك الأمن الاقتصادي والأمن البيئي والأمن الاجتماعي وغيرها من صور الأمن التي ينبغي العمل لتوفيرها حتى ينعم الناس آمنين بوطنهم (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) (يوسف:99).