برنامج السياسة الخارجية
تميزت مصر لعهود طويلة بمنزلة دولية رفيعة وعالية، على كافة الأصعدة والميادين، ولكنها أصابها التراجع والانتكاس في العقود الأخيرة نتيجة للنهج المهين الذي سارت عليه سياستنا الخارجية، ولقد أدى انكفاء مصر على نفسها وانشغالها بأمورها الداخلية فقط, وإهمالها المتزايد لشئون القارة الإفريقية إلى الحد الذي جعلها تبدو غير مبالية بما يجري في دول حوض النيل, وكذلك تآكل دورها على الصعيدين الإقليمي والدولي، وعجزت عن استثمار رصيدها التاريخي في إفريقيا؛ مما جعل دولاً صغيرة تتجاسر عليها ولا تمانع في التعاون مع دول معادية تسعى لابتزازها، ولقد حان الوقت لأن نسعى لتصحيح مسار سياستنا الخارجية، واستعادة مكانتنا المرموقة في طليعة دول العالم، ويمكن تلخيص ذلك فيما يلي:
- العلاقات الخارجية مع الدول والشعوب الأخرى ينبغي أن تؤسس على الاحترام المتبادل والعلاقات المتكافئة، والتعايش السلمي، وتقوم على أساس تكامل الحضارات وليس صراع الحضارات مع الحفاظ على هويتنا وثقافتنا، وتحقق قيم الحق والعدل والحرية، وعدم الاعتداء وتجريم اغتصاب حقوق الغير بالقوة.
- ومن ناحية أخرى لابد من تدعيم الدور الدبلوماسي المصري النشط الفعال على المحيط العالمي والأفريقي، خاصة بين دول حوض النيل والسودان بشكل أخص، وكذلك الدور الريادي على المحيط العربي والإسلامي، وتفعيل التعاون الاقتصادي والثقافي مع هذه الدول بما يساهم في استعادة مكانة مصر الدولية.
- السياسة الخارجية لابد أن تدعم الأمن القومي المصري، وتحترم العهود والمواثيق، ولا تزج بالبلاد في نزاعات تدمر ولا تعمر، وتهدم ولا تبني، بل تحرص على تحقيق أعلى المكاسب، وتحافظ على أهم المصالح للأمة المصرية خاصة، وللأمة العربية والإسلامية عامة.
- ضرورة دعم استقلالية القرار السياسي المصري، والمؤسس على مصلحة البلاد الحقيقية، والنابعة من الإرادة الوطنية الحرة والممثلة بالمجالس النيابية، والذي يتناسب مع هوية الدولة، وانتمائها الحضاري والثقافي، ومن الطبيعي ألا يكون القرار السياسي المصري مستقلاً استقلالاً تاماً إلا بتحقق الاستقلال الاقتصادي، والاستقرار الداخلي الأمني والسياسي، وهذا يتطلب بناء وتطوير القوة المتكاملة للدولة في النواحي السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والثقافية .
- ورغم أن السياسة الخارجية تركز على تحسين العلاقة مع الأنظمة السياسية بالدول المختلفة، ولكن لابد مع ذلك بالاهتمام بإحياء علاقة التواصل والتعاون مع الشعوب كافة ولا تكتفي بالأنظمة السياسية، لتحل محل حملات العداء والكراهية التي كانت يصطنعها النظام السابق مع شعوب المنطقة، كما حدث مع دول الجزائر والسودان وقطر.