فضل أهل البيت وعلوّ مكانتهم عند أهل السنة والجماعة
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم أن نلقاه ... ثم أما بعد /
إذا سألت أي مسلم عالم أو جاهل من أي مذهب كان : ماحكم محبة أهل بيت النبي ؟ ، ستكون الإجابة : واجب ، وهذا مذهبنا أهل السنّة والجماعة ، كيف لا ونحن نقتدي في هذه المحبة بأبي بكر وعمر وعثمان وعائشة ومعاوية ( كما سيأتي ذكر مواقفهم كل على حدة ) نعم والله محبتهم واجبة وفرض ، ألم يقل ربّ البيت محمد بن عبدالله : ( أذكّركم الله في أهل بيتي ) وقال : ( وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عزّ وجل وعترتي ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ) ، وقال الله تعالى : ( قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) سورة الشورى 23.
لذلك يحب أهل السنة كلا من آل البيت والصحابة معا ، فأهل السنّة لا يكرهون الصحابة كما يفعل البعض ، ولا يكرهون آل البيت كما كان يفعل النواصب الذين قضي على بدعتهم وانقرضوا تماما منذ عهد الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز رحمه الله رحمة واسعة .
والله لقد أحبّ الصحابة أهل بيت النبي حبّا رائعا واحترموهم احتراما سطّرته أقلام التاريخ بحروف من ذهب وألماس ونقله لنا رجال قلما وجد تاريخ العالم البائس رجالا أمثالهم على مرّ العصور كالإمام الذهبي وابن تيمية وابن القيّم ومحمد بن عبدالوهاب ذلك الرجل الذي سمّى أولاده بأسماء أهل البيت وغيرهم الكثيرين .
ولكن للأسف الشديد لقد تم دسّ أحاديث كاذبة وواهية في قصص كاذبة عن إهانة الصحابة والتابعين لأهل بيت النبي ونفس هؤلاء الكاذبون القدامى ألّفوا أحاديث كاذبة أهانوا بها أهل بيت النبي أنفسهم ( لا تعجب فهذه الحقيقة وربّ الكعبة ) وهؤلاء الوضّاعون معروفون وأحاديثهم تم كشفها على يد أئمة الحديث منذ القدم والحمد لله .
نحن لا نرضى بهذا ولا بذاك ، لا نرضى بسبّ الصحابة ، ولا نرضى بسبّ أهل البيت الذي فعله النواصب في الماضي والذي انتهى منذ عهد الخليفة عمر بن عبدالعزيز والحمد لله ، نحن أهل السنّة نؤمن بأنه لا إفراط ولا تفريط ، لاغلوّ ولاجفاء ، نحب الصحابة ونحب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفس الوقت والحمد لله .
وأي إساءة للصحابة هي إساءة للنبي والقرآن ( بل لله نفسه ولا حول ولا قوة إلا بالله ) ، إساءة للنبي من ناحية أنه لم يعرف كيف يختار أصحابه وكيف يغرز بذرة الإيمان في قلوبهم وهذا معناه فشل دعوته ( ولا حول ولا قوة إلا بالله ) ، وإساءة لله أنه لم يكن يعلم الغيب عندما مدح الصحابة في قرآنه واكتشف خيانتهم وارتدادهم بعد موت الرسول وهذا قدح وإنكار في علم الله للغيب ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ألم يقل الله تعالى عنهم في سورة الفتح
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) ) وقال فيهم في نفس السورة
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29) ).
الموضوع مختصر وعلى ثلاثة فصول :
الفصل الأول :من هم أهل البيت ؟
الفصل الثاني :ماحكم محبة أهل البيت عند أهل السنّة والجماعة ؟
الفصل الثالث :قصص وأقوال رائعة تبيّن علو مكانة أهل البيت عند الصحابة وتابعيهم من أهل السنّة والجماعة.
الفصل الأول :
من هم أهل البيت ؟
قال ابن منظور صاحب لسان العرب: أهل البيت سكانه وأهل الرجل أخص الناس به وأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه وبناته وصهره، أعني عليّا عليه السلام وقيل نساء النبي والرجال الذين هم آله .
وقال الراغب الأصفهاني: أهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب أو دين أو ما يجري مجراهما من صناعة وبيت وولد. وقيل إن أصل كلمة آل: أهل، ثم قُلبت الهاء إلى همزة فصارت أأل ثم خففت بعد ذلك إلى آل. اهـ. فآل وأهل واحد ، وآل الرجل هم أزواجه وذريته وأقرباؤه كما ذكر أهل اللغة . قال تبارك وتعالى عن امرأة العزيز أنها قالت لزوجها: (( ما جزاء من أراد بأهلك سوءا)) يوسف 25 تريد نفسها وقال الله تبارك وتعالى عن موسى: (( إذ قال موسى لأهله إني آنست ناراً سآتيكم منها بخبر )) وأهله زوجته التي كانت معه. وقال عن إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه وزوجته (( رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد )) هود 73
والقولُ الصحيحُ في المرادِ بآل بيت النَّبِيِّ هم مَن تَحرُم عليهم الصَّدقةُ، وهم أزواجُه وذريَّتُه، وكلُّ مسلمٍ ومسلمةٍ من نَسْل عبدالمطلب، وهم بنُو هاشِم بن عبد مَناف؛ قال ابن حزم في جمهرة أنساب العرب (ص:14): ((وُلِد لهاشم بن عبد مناف: شيبةُ، وهو عبدالمطلب، وفيه العمود والشَّرف، ولَم يبْقَ لهاشم عَقِبٌ إلاَّ مِن عبدالمطلب فقط)).
وانظر عَقِبَ عبدالمطلب في: جمهرة أنساب العرب لابن حزم (ص:14 ـ 15)، والتبيين في أنساب القرشيِّين لابن قدامة (ص:76)، ومنهاج السنة لابن تيمية (7/304 ـ 305)، وفتح الباري لابن حجر (7/78 ـ 79).
ويدلُّ لدخول بنِي أعمامه في أهل بيته ما أخرجه مسلم في صحيحه (1072) عن عبدالمطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب أنَّه ذهب هو والفضل بن عباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبان منه أن يُولِّيهما على الصَّدقةِ ليُصيبَا مِن المال ما يتزوَّجان به، فقال لهما صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الصَّدقة لا تنبغي لآل محمد؛ إنَّما هي أوساخُ الناس))، ثمَّ أمر بتزويجهما وإصداقهما من الخمس.
وقد ألْحَق بعضُ أهل العلم منهم الشافعي وأحمد بنِي المطلب بن عبد مَناف ببَنِي هاشم في تحريم الصَّدقة عليهم؛ لمشاركتِهم إيَّاهم في إعطائهم من خمس الخُمس؛ وذلك للحديث الذي رواه البخاري في صحيحه (3140) عن جُبير بن مُطعم، الذي فيه أنَّ إعطاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لبَنِي هاشم وبنِي المطلب دون إخوانِهم من بنِي عبد شمس ونوفل؛ لكون بنِي هاشم وبَنِي المطلب شيئاً واحداً.
فأمَّا دخول أزواجه رضي الله عنهنَّ في آلِه صلى الله عليه وسلم ، فيدلُّ لذلك قول الله عزَّ وجلَّ: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِن ءَايَاتِ اللهِ وَالحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا}.
فإنَّ هذه الآيةَ تدلُّ على دخولِهنَّ حتماً؛ لأنَّ سياقَ الآيات قبلها وبعدها خطابٌ لهنَّ، ولا يُنافي ذلك ما جاء في صحيح مسلم (2424) عن عائشة رضي الله عنها أنَّها قالت: ((خرج النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غداةً وعليه مِرْطٌ مُرَحَّل من شَعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثمَّ جاء الحُسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمةُ فأدخلها، ثمَّ جاء عليٌّ فأدخله، ثمَّ قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} )) ؛ لأنَّ الآيةَ دالَّةٌ على دخولِهنَّ ؛ لكون الخطابِ في الآيات لهنَّ، ودخولُ عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم في الآيةِ دلَّت عليه السُّنَّةُ في هذا الحديث، وتخصيصُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لهؤلاء الأربعة رضي الله عنهم في هذا الحديث لا يدلُّ على قَصْرِ أهل بيته عليهم دون القرابات الأخرى، وإنَّما يدلُّ على أنَّهم مِن أخصِّ أقاربه.
الدليل على أن زوجات الرسول من آل البيت :
قال الله تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) )
يقول المشكّك في أن زوجات النبي لسن من أهل البيت :
كيف يكنّ من أهل البيت والخطاب لأهل البيت بـ ( عنكم ) و ( يطهركم ) والكلمتان انتهت بحرف الميم وزوجات النبي إناث وقد خاطبهم الله بـ (نون النسوة) مثل في كلمات (لَسْتُنَّ ، اتَّقَيْتُنَّ ، تَخْضَعْنَ ، قُلْنَ ، قَرْنَ ، بُيُوتِكُنَّ ، تَبَرَّجْنَ ، أَقِمْنَ ، آتِينَ ، َأَطِعْنَ ) ؟
الجواب بسيط جدا :
أولا :
يصحّ لغويا أن تخاطب النساء بالميم ، خاصة لو كانوا ضمن الرجال في الخطاب ، والأدلة كما يلي :
1- قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70) فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73) ) سورة هود .
في خطاب الملائكة لهاجر زوجة سيدنا إبراهيم عليه السلام خاطبوها بنون النسوة ( أتعجبين ) ولكن عندما خاطبوها مع زوجها إبراهيم عليه السلام خاطبوهم بالميم ( عليكم ) .
2- قوله تعالى : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7) فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (
وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (9) وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10) وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (11) وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (12) ) سورة القصص.
بعد أن أخبرنا الله بأن امرأة فرعون تحدثت مع فرعون وترجّته بألا يقتلوا موسى ، أخبرنا بأن أخت موسى قالت لهم ( يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ ) وحرف الميم في قوله ( لكم ) كانت لخطاب فرعون وزوجته .
3- قوله تعالى : ( فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29) ) سورة القصص.
من المعروف في التفاسير أنه لم يكن مع موسى سوى زوجته و كانت معه في هذه الأحداث ونجد أنه يقول لأهله ( زوجته ): ( آتِيكُمْ ) والخطاب معها بالميم .
ثانيا :
أن كلمة أهل في اللغة تطلق على الزوجة ، والدليل :
1- إطلاق تسمية ( أهل ) على الزوجة في قوله تعالى عن موسى عليه السلام { فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله } مع أنه لم يكن مع موسى عليه السلام سوى زوجته.
2- والأهل في اللغة تطلق على الزوجة قال تعالى : { وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست ناراً } وبإجماع المفسرين أنه كان مع موسى زوجته .
3- وقالت زوج إبراهيم { قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد } .
4- وقول امرأة العزيز لزوجها عندما اتهمت يوسف عليه السلام بالتعدي عليها : ( ماجزاء من أراد بأهلك سوءا ) سورة يوسف 25.
5- وفي حادثة الإفك ( التي اتهمت فيها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ):
النبي صلى الله عليه وسلم استشار أصحابه في فراق أهله (عائشة) ، وأسامة بن زيد يقول:
" يا رسول الله! أهلك ، وما نعلم إلا خيرا" ..
ويقوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس مستعذرا يقول:
"من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي؟، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا"
الفصل الثاني :
حكم محبة آل البيت عند أهل السنة والجماعة
فرض وواجب ، كما أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( أذكّركم الله في أهل بيتي ) ، وقال سبحانه وتعالى: ( قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) سورة الشورى 23 ، وهي على أقوال :
منها : أنهم قربى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم
وإن الأنساب يوم القيامة تنقطع غير نسبي وسببي وصهري ) ، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم
وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عزّ وجل وعترتي ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ) .وهذا الحديث يدلّ على أن عترته وأهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم لايجتمعون على ضلالة ، وأن إجماعهم حجّة رضي الله عنهم .
وأهل السنّة والجماعة يجمعون بين حب الصحابة وحب أهل البيت ،ولا يجعلون هناك تناقضا بين حب الصحابة وحب أهل البيت كما يفعل البعض ، ولايسبّون أهل البيت كما فعل النواصب الذين كانوا في زمن بني أمية ، فقد كانوا يسبّون عليّا وأهل البيت بسبب الخلاف الذي نشأ في واقعة الجمل وصفين ومابعد ذلك ،وقد انقرض هؤلاء النواصب – بحمد الله - ، وكان فعلهم من المنكرات العظيمة التي أبطلها الله سبحانه وتعالى ، وكان أول من أبطلها من الخلفاء هو الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز رحمه الله ، ومنع سبّ علي وأهل البيت على المنابر ، فانقرضت هذه البدعة ، ولكن بقيت بدعة سبّ الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين والغلو في أهل البيت ،وأما أهل السنّة فيحبون الجميع رضوان الله عليهم .
الفصل الثالث :
قصص وأقوال رائعة تبيّن علو مكانة أهل البيت عند الصحابة وتابعيهم من أهل السنّة والجماعة
أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
روى البخاري في صحيحه (3712) أنَّ أبا بكر رضي الله عنه قال لعليٍّ رضي الله عنه: ((والذي نفسي بيدِه لَقرابةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبُّ إليَّ أنْ أَصِلَ من قرابَتِي)).
وروى البخاريُّ في صحيحه أيضاً (3713) عن ابن عمر، عن أبي بكر رضي الله عنه قال: ((ارقُبُوا محمداً صلى الله عليه وسلم في أهل بيته)).
قال الحافظ ابن حجر في شرحه: ((يخاطِبُ بذلك الناسَ ويوصيهم به، والمراقبةُ للشيء: المحافظةُ عليه، يقول: احفظوه فيهم، فلا تؤذوهم ولا تُسيئوا إليهم)).
وفي صحيح البخاري (3542) عن عُقبة بن الحارث رضي الله عنه قال: ((صلَّى أبو بكر رضي الله عنه العصرَ، ثم خرج يَمشي، فرأى الحسنَ يلعبُ مع الصِّبيان، فحمله على عاتقه، وقال:
بأبي شبيهٌ بالنبي لا شــبيــهٌ بعلي
وعليٌّ يضحك)).
قال الحافظ في شرحه: ((قوله: (بأبي): فيه حذفٌ تقديره أفديه بأبي))، وقال أيضاً: ((وفي الحديث فضلُ أبي بكر ومَحبَّتُه لقرابةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)).
عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما:
روى البخاري في صحيحه (1010)، و(3710) عن أنس رضي الله عنه: ((أنَّ عمر بن الخطاب كان إذا قُحِطوا استسقى بالعباس بن عبدالمطلب، فقال: اللَّهمَّ إنَّا كنَّا نتوسَّل إليك بنبيِّنا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنَّا نتوسَّلُ إليك بعمِّ نبيِّنا فاسقِنا، قال: فيُسقَوْن)).
والمرادُ بتوسُّل عمر رضي الله عنه بالعباس رضي الله عنه هو التوسُّلُ بدعائه كما جاء مبيَّناً في بعض الروايات، وقد ذكرها الحافظ في شرح الحديث في كتاب الاستسقاء من فتح الباري.
واختيار عمر رضي الله عنه للعباس رضي الله عنه للتوسُّل بدعائه إنَّما هو لقرابتِه مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولهذا قال رضي الله عنه في توسُّله: ((وإنَّا نتوسَّل إليك بعمِّ نبيِّنا))، ولم يقل: بالعباس. ومن المعلوم أنَّ عليًّا رضي الله عنه أفضلُ من العباس، وهو من قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم ، لكن العباس أقربُ، ولو كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُورَث عنه المال لكان العباس هو المقدَّم في ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أَلحِقوا الفرائض بأهلها، فما أبقتِ الفرائضُ فلأولَى رجل ذَكر))، أخرجه البخاري ومسلم، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لعمر عن عمِّه العباس: ((أمَا عَلِمتَ أنَّ عمَّ الرَّجلِ صِنْوُ أبيه)).
وفي تفسير ابن كثير لآيات الشورى: قال عمر بن الخطاب للعباس رضي الله تعالى عنهما: ((والله لإِسلاَمُك يوم أسلمتَ كان أحبَّ إليَّ من إسلامِ الخطاب لو أسلَمَ؛ لأنَّ إسلامَك كان أحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب))، وهو عند ابن سعد في الطبقات (4/22، 30).
وفي كتاب اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم (1/446) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((أنَّ عمر بنَ الخطاب رضي الله عنه لَمَّا وضع ديوان العَطاءِ كتب الناسَ على قَدْرِ أنسابِهم، فبدأ بأقربِهم فأقربهم نسباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلمَّا انقضت العربُ ذكر العَجَم، هكذا كان الديوان على عهد الخلفاء الراشدين، وسائر الخلفاء من بَنِي أُميَّة ووَلَدِ العباس إلى أن تغيَّر الأمرُ بعد ذلك)).
وقال أيضاً (1/453): ((وانظر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين وضع الديوان، وقالوا له: يبدأ أميرُ المؤمنين بنفسِه، فقال: لا! ولكن ضَعُوا عمر حيث وضعه الله،فبدأ بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ مَن يليهِم، حتى جاءت نوْبَتُه في بَنِي عديٍّ، وهم متأخِّرون عن أكثر بطون قريش)).
وتقدَّم في فضائل أهل البيت من السُّنَّة حديث: ((كلُّ سبب ونَسبٍ منقطعٌ يوم القيامة إلاَّ سبَبِي ونسبِي))، وأنَّ هذا هو الذي دفع عمر رضي الله عنه إلى خِطبَة أمِّ كلثوم بنت عليٍّ، وقد ذكر الألباني في السلسلة الصحيحة تحت (رقم:2036) طرقَ هذا الحديث عن عمر رضي الله عنه.
ومن المعلوم أنَّ الخلفاء الراشدين الأربعة رضي الله عنهم هم أصهارٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأبو بكر وعمر رضي الله عنهما حصل لهما زيادة الشَّرَف بزواج النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم من بنتيهِما: عائشة وحفصة، وعثمان وعلي رضي الله عنهما حصل لهما زيادة الشَّرَف بزواجهما من بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتزوَّج عثمان رضي الله عنه رُقيَّة، وبعد موتها تزوَّج أختَها أمَّ كلثوم، ولهذا يُقال له: ذو النُّورَين، وتزوَّج عليٌّ رضي الله عنه فاطمةَ رضي الله عنها.
وفي سير أعلام النبلاء للذهبي وتهذيب التهذيب لابن حجر في ترجمة العبَّاس: ((كان العبَّاسُ إذا مرَّ بعمر أو بعثمان، وهما راكبان، نزلاَ حتى يُجاوِزهما إجلالاً لعمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم)).
عمر بن عبدالعزيز رحمه الله:
في طبقات ابن سعد (5/333)، و(5/387 ـ 388) بإسناده إلى فاطمة بنت علي بن أبي طالب أنَّ عمر بن عبدالعزيز قال لها: ((يا ابنة علي! والله ما على ظهر الأرض أهلُ بيت أحبُّ إليَّ منكم، ولأَنتم أحبُّ إليَّ مِن أهل بيتِي)).