المصريون |كتب ـ جون عبد الملاك |
كشفت مصادر مطلعة بالكنيسة عن قيام مئات القساوسة بمختلف الإبراشيات بعقد اجتماعات شبه يومية مع شباب الكنيسة وفتياتها لإحياء النعرة القبطية من جديد والتأكيد على الهوية المصرية الخالصة الموروثة عن الهوية الفرعونية، من خلال إحياء فكرة تنظيم "جماعة الأمة القبطية".
وتتم الاجتماعات بمعزل تماماً عن الأنبا موسى أسقف الشباب ـ الذى يمثل أحد رموز جبهة الحمائم ـ بعد سيطرت جبهة الصقور "بيشوى وأرميا"، على الكنيسة تماماً استعدادًا لتولى أحد من معسكرها منصب البطريرك، لضمان ولاء الشباب القبطى المتأثر بالأنبا موسى، الذى اشتهر بتسامحه طيلة السنوات الماضية.
واللقاءات غير المعلنة تتم داخل المطرانيات وفى الكنائس مستغلة المد الإسلامى لحشد الشباب للالتفاف حول الكنيسة لضمان ولائه لها، بهدف إحياء مدرسة الأصولية المسيحية والتى يتزعمها الأنبا بيشوى سكرتير المجمع المقدس، والتى كشفت عن نفسها فى ديسمبر الماضى، خلال حفل التأبين فى الذكرى لذكرى السنوية لشهداء القديسين بكنيسة مارمينا بمنطقة جليم، حيث قال الأنبا بولا القمص بطرس: "سنسفك الدماء إذا فرض علينا شىء من التيار الإسلامى، الدماء مقابل تهميشنا فى الدستور، لن نسمح لأحد بفرض الحجاب على نسائنا أو فرض أى أمور تخالف عقيدتنا".
وتابع: "نحن أقباط وكلمة قبطى تعنى أننا أصل هذه البلد، ونحن نقدم كل الاحترام لكل التيارات ولكن نرفض أن نهمش، ومهما كان القادم على كرسى الحكم أهلا به، ولكننا مستعدون لسفك الدماء أو الاستشهاد إذا فرض علينا شىء ضد عقيدتنا وما أنزل علينا من الإنجيل".
وفى هذا الصدد، يشير محللون أقباط إلى أن مدرسة "الأصولية " القبطية بدأت فى الإسكندرية باعتبارها جهاد ضد المحتل الوثنى واليهودي، وهو ما يؤمن به بعض قيادات الكنيسة القبطية وعلى رأسهم الأنبا بيشوى الذى أعلن عن إيمانه بتلك المدرسة عندما خرج لوسائل الإعلام عام 2010 زاعمًا أن المسيحيين هم أصل البلد وأن المسيحى الأرثوذكسى ليس عربيًا.. وأن المسلم المصرى عربى وليس مصريًا خالصًا.
ويتبع الأنبا بيشوى القس فلوباتير والقمص متياس نصر" وهما يعبران عن تنظيم جهادى قبطى ومدرسة فكرية جديدة تكفر المسلمين ولا تقبل حتى بالتعايش معهم بل تطالب بطردهم من البلاد وتشكك فى أصولهم واختلاطها وعدم نقائها بعكس الأقباط فراعنة الأصل وأنقياء النطفة أصحاب البلد الأصليين، مرددين نفس حديث مرقص عزيز راعى الكنيسة المعلقة الذى يخدم فى إحدى كنائس أمريكا بخصوص نقاء الدم القبطى ورفض التعايش مع المسلمين وإباحة دماء من يشهرون إسلامهم، ومن نفس تلك المدرسة خرج أحد الرهبان الذى ظهر فى لقطات يوتيوب وهو يحرض على مقتل محافظ أسوان بأبشع موتة ويهدد المشير بشهداء وقتلى!
وفلوباتير هو رأس الحربة للتنظيم وكانت بدايته عبر انضمامه لسلك الكهنوت عقب تخرجه من كلية الهندسة بعد إعجابه الشديد بالقمص مرقص عزيز كاهن الكنيسة المعلقة الموجود حاليًا فى الولايات المتحدة الذى يطالب بفرض الحماية الدولية على وطنه "الأم"، وظهر إعلاميًا باعتراضه على مسلسل "أوان الورد" حيث قام برفع دعوى قضائية لوقف عرضه على شاشة التليفزيون المصرى بدعوى أنه يحرض الفتيات القبطيات على الزواج من المسلمين!
بعد رسامته كقس لكنيسة الطوابق بفيصل شارك القمص متياس نصر كاهن كنيسة عزبة النخل فى مطبوعة "الكتيبة الطيبية" وبدأ بكتابات مقالات هاجم فيها الدولة سببت حرجًا شديدًا للكنيسة وكان خطابه "صداميًا" لم يعتده الأقباط أنفسهم قبل ذلك.
بعد ذلك تم إيقافه عن الخدمة الكنسية عقب أحداث مسرحية "كنت أعمى والآن أبصرت" التى تم تصويرها فى الإسكندرية وعرضت فى كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس بمحرم بك عام 2003، ولم ينشر عنها سوى بعد عامين، وخلاصتها أن شابًا قبطيًا دخل فى الإسلام، ليس اقتناعًا به ولكن تحت تأثير الإغراء بالعثور على وظيفة، والتزوج، والحصول على شقة سكنية. وحين عاش الشاب فى وسط المجموعة التى شجعته على التحول إلى الإسلام، فإنه وجد كل شىء فيهم منفرًا، فعاد إلى المسيحية مرة أخرى. وهذه هى الفكرة من وراء العنوان «كنت أعمى والآن أبصرت».
وانتهى الأمر باتفاق البابا شنودة والنائب العام بعدم وجود مسرحية من الأساس، لكن فلوباتير كتب مقالاً فى صوت الامة والكتيبة الطيبية بعنوان "عفوًا.. سيادة النائب العام".. كذب فيه بيان النائب العام، وقال: "نعم توجد مسرحية وهذا حقنا"، فتم إيقافه سنتين تم تخفيضهما إلى عام ونصف، وقبل أن يصدر البابا قراراً بوقفه عن الخدمة، قام أسقف الجيزة بإيقافه شهر ومنع من الكتابة، فكتب مقالاته فى الكتيبة الطيبية باسم مستعار هو "الأب فينحاس نصرانى".
وعاد بعدها إلى كنيسة حدائق الأهرام وتوسط لدى البابا لعودته لكنيسة الطوابق وعاد إليها للاحتماء بشعبيته فيها، نظرًا لأن مسيحى الحدائق استهجنوا خطابه، ووقع تعهداً بعدم الظهور فى الإعلام أو الحديث فى السياسة، لكن بعد 25 يناير كثف نشاطه وتصدر الفضائيات، خصوصاً بعد تزعمه لاتحاد شباب ماسبيرو.
يشار إلى أن "جماعة الأمة القبطية" هو تنظيم متطرف زرع فكرته حبيب جرجس فى الأربعينيات من القرن العشرين، حين كانت مصر تحت الاحتلال الإنجليزى، ثم أشهرت فى وزارة الشئون الاجتماعية عام 1952على يد محام شاب يبلغ من العمر 20 سنة اسمه إبراهيم فهمى هلال، بهدف مواجهة الفكر الدينى الإسلامى لجماعة "الإخوان المسلمين" وقتها، حتى إنها رفعت شعار "الإنجيل دستورنا، والموت فى سبيل المسيح أسمى أمانينا".
وأول من اكتوى بإرهاب هذا التنظيم المتطرف هى الكنيسة نفسها، فقد قام التنظيم عام 1954 باختطاف البطريرك الأنبا يوساب الثانى من مقر المطرانية وقتها بشارع كلوت بك بقلب القاهرة، وإجباره على توقيع استقالة، ونقلوه بالقوة وتحت السلاح إلى أديرة وادى النطرون، ودعوا الشعب إلى انتخاب بطريرك جديد وتحصنوا بالمقر الرئيس للبطريركية، ثم تدخلت الشرطة وألقت القبض عليهم وأحيلت المجموعة المسلحة للمحاكمة وصدرت ضدهم أحكام بالسجن، ثم قتلوا جميعًا فى ظروف غامضة داخل سجونهم.
وأثناء المحاكمة كان الدكتور إدوار غالى الذهبى يترافع ضد المجموعة المقبوض عليها من تنظيم الأمة القبطية، فتلقى سيلاً من التهديدات من باقى أعضاء التنظيم الهاربين ما جعل الداخلية توفر له حراسة مشددة.