قصة السلطان محمود بن سبكتكين مع ابن اخته :
السلطان محمود بن سبكتكين، صاحب بلاد غزنة، نصر الإسلام، وفتح الفتوحات الكثيرة في بلاد الهند وغيرها،
عظم شأنه واتسعت مملكته، كان عادلا، اشتكى إليه رجل أن ابن اخت الملك، يهجم عليه في داره، وعلى أهله، في
كل وقت، فيخرجه من البيت، ويختلي بامرأته، وقد حار في أمره، وكلما اشتكاه لأحد من أولي الأمر لا يجسر أحد
عليه، خوفا وهيبة للملك، فلما سمع الملك ذلك غضب غضبا شديدا، وقال للرجل:
ويحك متى جاءك فائتني فأعلمني، ولا تسمعن من أحد منعك من الوصول إلي، ولو جاءك في الليل فائتني فأعلمني".
ثم إن الملك تقدم إلى الحجبة، وقال لهم:
إن هذا الرجل متى جاءني، لا يمنعه أحد من الوصول إلي، من ليل أو نهار".
فما كان إلا ليلة أو ليلتان حتى هجم عليه ذلك الشاب، فأخرجه من البيت، واختلى بأهله، فذهب باكيا إلى دار الملك،
فقيل له إن الملك نائم فقال: "قد تقدم إليكم أن لا أمنع منه ليلا ولا نهارا".
فنبهوا الملك، فخرج معه بنفسه، وليس معه أحد، حتى جاء إلى منزل الرجل، فنظر إلى الغلام وهو مع المرأة في
فراش واحد، وعندهما شمعة تتقد، فتقدم الملك فأطفأ الضوء، ثم جاء فاحتز رأس الغلام..وقال للرجل:
ويحك ألحقني بشربة ماء"..
فأتاه بها فشرب، ثم انطلق الملك ليذهب، فقال له الرجل: "بالله لم أطفأت الشمعة؟".
قال: "ويحك إنه ابن أختي، وإني كرهت أن أشاهده حال الذبح".
فقال: "ولم طلبت الماء سريعا".
فقال الملك: "إني آليت على نفسي منذ أخبرتني، أن لا أطعم طعاما، ولا أشرب شرابا، حتى أنصرك، وأقوم بحقك،
فكنت عطشانا هذه الأيام كلها، حتى كان ما كان، مما رأيت".
القصة فى سير أعلام النبلاء والبداية والنهاية.